على هامش رحيل الدگتور الخطيب
السبت 11 اكتوبر 2008
يتمنى الخطيب في غلاف «مسار حياة» بأن يكون كتابه مرجعا للباحثين وشباب المغرب وتقدم بالشكر والامتنان لأستاذين ساعداه في كتابة مذكراته: حميد خباش ونجيب كمالي. ولا أعرف ما إذا كان الأستاذان قد قاما بهذا العمل بالاعتماد فقط على ذاكرة الخطيب وهي ذاكرة رجل يصعب عليه الاستغناء عن المستندات التاريخية الضرورية للتوثيق وفي جميع الأحوال فلابد من الرجوع إلى الوثائق عند الحديث عن وقائع تاريخية والاستفادة مثلا من الجرائد الصادرة في زمن وقوع الحدث، للتأكد من صحة التواريخ التي حاول الدكتور الاستشهاد بها حتى لا يتم الخلط بين أحداث وقعت في يونيو 1956 وأخرى في أكتوبر 1957 أو في أبريل 1958 كما حصل في «مسار حياة». ففي الصفحة 74 جاء حديث الخطيب عن «المضايقات التي بدأت بعد عزل أحرضان من منصبه من طرف الحزب الوحيد». والكل يعرف أن وزير الداخلية المرحوم ادريس المحمدي عزل أحرضان في نهاية عام 1957 ومع ذلك يتحدث الخطيب عن «مضايقات» وقعت بعد ذلك من ضمنها «التصفية الجسدية للأخوين الحداوي، بعد اتهامهما بالتعاطف مع الشيوعية» والكل يعلم أن الأخوين الحداوي لقيا مصرعهما قبل ذلك بسنة ونصف أي في يونيو 1956. يتحدث الخطيب عن إقالة المرحوم البكاي من رئاسة الحكومة بتزامن مع الاستعداد لتأسيس الحركة الشعبية في أكتوبر 1957. الأستاذان لم يطلعا على بلاغ للديوان الملكي سمعه المغاربة على أمواج الأثير ليلة القدر (26 رمضان 1377) موافق لـ16 أبريل 1958: «استقبل صاحب الجلالة أعزه الله بقصر دار السلام على الساعة العاشرة والنصف من مساء الثلاثاء، وزراء حزب الاستقلال بطلب منهم فقدموا لجلالته رسالة يلتمسون فيها إعفاءهم من مناصبهم إثر البلاغ الذي أذاعته رئاسة الحكومة باسم الرئيس البكاي. وقد قبل جلالة الملك حفظه الله، ملتمسهم ثم استدعى الرئيس السيد البكاي وأخبره بانسحاب وزراء حزب الاستقلال من الحكومة. وبهذا أصبحت الحكومة الحالية منحلة». وكان يجب على المرحوم الخطيب أن يضع بين يدي باحثين في التاريخ ساعداه على كتابة مذكراته، المعلومات التاريخية الضرورية حتى تكون مذكراته مرجعا حقيقيا للتاريخ. زرت الخطيب في «ديبوا روكبير» وسألته عن مذكرة تسلمها البكاي من مجموعة من الشخصيات، فوعدني، بدون جدوى، بأنه سيقدمها لي في حالة ما إذا عثر عليها فيما بعد: عدة شخصيات من الحكومة أو من خارجها قدمت للمرحوم البكاي ملتمسا يتعلق بمشاكل الحريات العامة وأن البكاي صرح بتأييده للملتمس مما أغضب الاستقلاليين وقالوا في بيان سياسي بأن رئيس الحكومة لم يستشرهم في الموضوع ولم يخبرهم إلى أن سمعوا في الإذاعة بأنه يؤيد الملتمس الذي كان يحمل إمضاء: محمد رشيد ملين ورضى اكديرة وهما أعضاء في الحكومة باسم حزب الأحرار المستقلين، وآخرين من خارج الحكومة كمحمد بن الحسن الوزاني وعبد الهادي بوطالب من حزب الشورى والاستقلال والخطيب وأحرضان من الحركة الشعبية والشيخ المكي الناصري زعيم حزب الوحدة. هؤلاء شكلوا في أبريل 1958 كتلة الدفاع عن الحريات الديمقراطية وسنجد البعض منهم في الواجهة مرة أخرى في مارس 1963 يوم تأسيس جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية.
عبد اللطيف جبرو
الاحدات المغربية
rs5rs5rs5