أمر الشرع ببر الوالدين، وجعله بعد رتبة توحيد الله، لما يبذله الوالدان من جهد وتعب في سبيل الأبناء، ولهذا كان عقوق الوالدين مما يعجل الله تعالى عقوبته في الدنيا قبل الآخرة.. غير أن هذا مرتهن ببر الآباء للأبناء، ولكن ...كم من الآباء والأمهات يعقون أبناءهم وهم لا يشعرون..
وليس هذا وليد العصر، فهي ظاهرة قديمة منذ وجود الإنسان على الأرض، ولذا كان لزاما على الآباء قبل أن يشكوا عقوق أبنائهم أن ينظروا عقوقهم لهم، وأن يؤدوا ما عليهم تجاههم، وأن يدركوا دورهم في الحياة كمسئولين عن أبنائهم، وحين يقدم الآباء والأمهات برهم لأبنائهم سيحصدون ثمرة هذا البر إحسانا ومراعاة، وإن كانت الشكوى مريرة من عقوق الأبناء لآبائهم، فإن أول طريق الإصلاح محاولة تذكير الآباء بدورهم ، ومن هنا تأتي البداية ...
إن بداية التصحيح ألا يبحث الناس عن حقوقهم قبل أداء واجباتهم، فحين يقصر الإنسان في واجبه ، فليس من الحكمة أن يسأل عن حقه ، بل إننا نطالب الآباء أن يتعاملوا مع أبنائهم لا من باب الحقوق والواجبات ولكن معاملة الفضل ، التي وضعها الله تعالى في نفوسهم تجاه أبنائهم ، حتى تتم الصورة التي وضعها الله تعالى لهم في الإسلام ، فإن تكريم الله تعالى للآباء والأمهات ليس لذات الإنجاب ، ولكن لما يقومون به من تربية ، فإن تخلى الآباء عن التربية ، فقد أسقطوا حقهم عند الله فيما وهبهم من فضل ، وإن وجب على الأبناء برهم ..